مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

من تعظيم الله تعالى إثبات صفاته

من تعظيم الله تعالى إثبات صفاته

لا يتم تعظيم المؤمن لله تعالى إلا بإثبات صفاته كما أثبتها سبحانه لنفسه، وأثبتها نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة؛ فقد جمع الله تعالى لأهل السنة من المسلمين المحاسن كلها، فهم بفضل الله تعالى يثبتون ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات ولا يتعدون ذلك، وهم مع ذلك ينزهونه سبحانه عن مشابهة أو مماثلة شيء من خلقه. فجمعوا بين إثبات معاني الصفات على ما يليق بجلال الله عز وجل، وبين تفويض علم كيفيتها وكنهها له سبحانه وتبارك وتعالى. وهذا هو مقتضى الإيمان والاستسلام لنصوص الوحي.

وقد ذكر أهل العلم عدة قواعد في إثبات أسماء الله تعالى وصفاته، ومن أهمها:

– أنّ أسماء الله تَعَالَى توقيفية لا مجال للعقل فيها، وعليه فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك كنهها وكيفيتها؛ فوجب الوقوف في ذلك على النص، قال تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة:255]

يقول الخطابي في ذلك:” ومن علمِ هذا الباب أعني:الأسماء والصفات، ومما يدخل في أحكامه، ويتعلق به من شرائط، أنه لا يتجاوز فيها التوقيف، ولا يستعمل فيها القياس؛ فيلحق بالشيء نظيره في ظاهر وضع اللغة ومتعارف الكلام، فقد جاء في الأسماء “القويّ” ولكن لا يقاس عليه الجَلِدْ، وإنْ كانا يتقاربان في نعوت الآدميين؛ لأن باب التجلد يدخله التكلف والاجتهاد، ولا يقاس على “القادر” لمطيق ولا المستطيع؛ لأن الطاقة والاستطاعة إنما تطلقان على معنى قوة البنية، وتركيب الخلقة”، قال تعالى: ﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ﴾ [النحل:74].

– يلزم في إثبات الصفات التخلي عن محذورين عظيمين:

المحذور الأول: التمثيل وهو اعتقاد المثْبِت أن ما أثبته من صفات الله تَعَالَى مماثل لصفات المخلوقين، وهذا اعتقاد باطل، يقول تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11] والتشبيه كالتمثيل، وقد يفرَّق بينهما بأن التمثيل يعني:التسوية في كل الصفات، بينما التشبيه يعني: التسوية في أكثر الصفات، ولكن التعبير بنفي التمثيل أولى لموافقة نص القرآن .

 المحذور الثاني: التكييف وهو أن يعتقد المثْبِت أن كيفية صفات الله تَعَالَى كذا وكذا، من غير أن يقيدها بمماثل، وهذا اعتقاد باطل، يقول تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه:110]

فلا نثبت لله تَعَالَى من الصفات إلا ما دلّ الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:” لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يتجاوز القرآن والحديث”

– ولا يتم إثباتها إلا بقطع الطمع عن إدراك كيفيتها:

بمعنى أن العقل البشري قد خلقه الله تعالى لا يطيق فهم كيفية الصفات ولا كنهها، قال ابن القيم رحمه الله: “ومعنى كلام السلف (بلا كيف) أي: بلا كيفٍ يعقله البشر” وهذا هو مقتضى قول الله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه:110] وهذا لا يتعارض أبدًا مع الإيمان بها كما وردت في الكتاب والسنة، قال القرطبي: “إن الخوض في تعلقات الصفات واختصاصاتها من تدقيقات الكلام، وإن العجز عن إدراكه غير مضر في الاعتقاد”.

وللشافعي رحمه الله عبارةٌ جامعة مانعة في إثبات الصفات، قال:” آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله” .

والأوْلي بالمسلم أن يجتهد في تعظيم الله تعالى في أسمائه وصفاته على الوجه الذي أمر به سبحانه وسَنّهُ النبي صلى اللع عليه وسلم، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف:180] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: “إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ “ – رواه البخاري:2736 –

والمرادُ بإحصَائِها وحفْظِها: الإحاطَةُ بها لَفظًا ومعنًى، أو دُعاءُ اللهِ، ذلك بأنْ تَجعلَها وَسِيلةً لكَ عندَ الدُّعاءِ، فتَقولَ: يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، وما أشبَهَ ذلك.

وقد ورد كثيرًا في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وتضرعه لربه جلّ وعلا ما يعلمنا كيفية التعبد لله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا،  فقد جاء في دعاء الكرب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، و نورَ صدري، و جلاءَ حزني، و ذَهابَ همِّي”  – أخرجه أحمد:3712 –

وفي الحديث أنَّ الأسماءَ الحُسنى غيرُ مَحصورةٍ في عددٍ مُعيَّنٍ، بلْ منها ما لا يَعلَمُه إلَّا اللهُ، فنحن نؤمن بها جميعًا، ونثبت لله سبحانه وتعالى ما علمنا مما ورد في الكتاب والسنة من أسمائه وصفاته كما يليق بجلاله وعظمته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

– ولله الأسماء الحسنى:عبد العزيز بن ناصر الجُلَيّل

– أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة والجماعة:د.عمر سليمان الأشقر

– موسوعة شرح أسماء الله الحسنى:د.نوال العيد

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop