مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

أهمية افتتاح الدعاء بالثناء والتعظيم

أهمية افتتاح الدعاء بالثناء والتعظيم

إنَّ من أهم مقامات تعظيم العبد المؤمن لله تعالى، مقام الدعاء؛ لأنه موقف يتحقق فيه لُبُّ العبودية ويتجلى فيه افتقار العبد لمولاه وإظهاره للتذلل بين يديه سبحانه وتعالى.

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدُّعاءُ هو العبادةُ))، ثمَّ قرأ: ﴿وَقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ﴾ [غافر:60].

ويتأكد تعظيم الله تعالى عند الدعاء، لأنَّ العبدَ في دُعائِه لربِّه يَكونُ مُعترِفًا بكَمالِ رُبوبيَّتِه وأُلوهيَّتِه، ويَكونُ مُقبِلًا على اللهِ مُعرِضًا عن غيرِه، يَدْعوه بأسمائِه الحُسْنى لا يَدْعو أحَدًا غيرَه مِن نبيٍّ أو وليٍّ، مُستعينًا به في قَضاءِ جميع حَوائجِه في الدُّنيا والآخرةِ.

وفي هذا المقام الشريف يكون تعظيم الله تعالى بأن يقدِّم المؤمن بين يدي دعائه الثناءَ على الله عزّ وجلّ بما هو أهلُه من نعوت الجلال، وصفات العظمة والكمال، وذكر جوده وفضله وكرَمه وعظيم إنعامه، وجعل ذلك كلِّه بين يدي مسألته وسيلةً للقبول ومفتاحاً للإجابة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أصلي، والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ)) [رواه الترمذي:593].

وقد صحح النبي صلى الله عليه وسلم دعاء المتعجّل الذي دخل في الدعاء من دون استفتاح حسنٍ بالثناء والتعظيم لله تعالى، ثم بيّن أدب الدعاء الصحيح.

عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَجِلَ هَذَا))، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ)) رواه الترمذيّ:3477 .

وقد أنزل الله تعالى فاتحة الكتاب على هيئة الدعاء، مفْتَتَحةً بالثناء على الله تعالى وتمجيده، قال تعالى: ﴿بسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ، ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ﴾ [الفاتحة:4:1] ثم التوسل بالعبودية والتوحيد، قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5] ثم دعاء المؤمنين بالهداية إلى الصراط المستقيم، ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ، صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ﴾ [الفاتحة:7،6].

قال ابن القيم رحمه الله: “ولما كان سؤال الله الهدايةَ إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب، ونيلُه أشرفَ المواهب، علّم الله عبادَه كيفيةَ سؤاله، وأمرهم أن يقدِّموا بين يديه حمدَه والثناء عليه وتمجيدَه، ثمَّ ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم، توسلٌ إليه بأسمائه وصفاته، وتوسلٌ إليه بعبوديته، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُردُّ معهما الدعاء” [مدارج السالكين:1/48].

وهذا الأدب من بدء الدعاء بالتعظيم والثناء على الله تعالى ثابتٌ في القرآن الكريم:

فثبت في أدعية الرسل عليهم جميعًا الصلاة والسلام، ومثاله دعاء يوسف عليه السلام، ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيث فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف:101]
ودعاءُ أولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السموات والأرض، كان مبدوءًا بالثناء والتمجيد، ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران:191].

والملائكة الكرام يفتتحون دعاءهم بالتعظيم والتمجيد لله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهْمْ عَذَابَ الجَحِيمِ﴾ [غافر:7].

ودعاء سيد الخلق نبينا صلى الله عليه وسلم كان كله تعظيم لله تعالى، فكان يفتتح دعاءه لله تعالى بأبلغ عبارات التمجيد والتعظيم لله تعالى والثناء عليه سبحانه:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: ((اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ: فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ – أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ)) رواه البخاري:1120. يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: ” فيه استحبابُ تقديم الثناء على المسألة عند كلِّ مطلوب، اقتداءًا به صلى الله عليه وسلم” . – فتح الباري:5/3 –

اللهم ارزقنا أدب تعظيمك وحسن دعائك وتفضّل علينا بكرمك وإحسانك يا ذا الجلال والإكرام.

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop