مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

من تعظيم الله تعالى: بُغضُ المنكَرَات

من تعظيم الله تعالى: بُغضُ المنكَرَات

من تعظيم المؤمن لله تعالى أن يوافقه فيما يحب ويبغض، فيحب ما يحبه الله تعالى من الاعتقادات والأقوال والأفعال ويبغض ما يبغضه الله منها، ولا يكون توقيره تعالى إلا بذلك.

وصفات:(السخط والبغض والكره) ثابتة لله تعالى بنصوص الكتاب والسنة، مثل صفات (الرضا والحب)، وتعظيم الله تعالى يكون بالإيمان بهذه الصفات وإثباتها له عزّ وجل بما يليق بجلاله، ويكون أيضًا بموافقته فيها طاعةً وتعظيمًا له سبحانه.

قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد:28] ففي الآية إثبات السخط لله عز وجل، وهو بمعنى الكره، وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ يقولُ: «إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قيلَ وقالَ، وإضَاعَةَ المَالِ، وكَثْرَةَ السُّؤَالِ».  [رواه البخاري:1477].

وتعظيم المؤمنين لله تعالى ببغض المنكرات وأهلها هو وصفهم المميّز لهم في القرآن الكريم..

 قال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة:22] قال الشيخ السعدي: “أي: لا يجتمع هذا وهذا، فلا يكون العبد مؤمنًا بالله واليوم الآخر حقيقة، إلا كان عاملاً على مقتضى الإيمان ولوازمه، من محبة من قام بالإيمان وموالاته، وبغض من لم يقم به ومعاداته، ولو كان أقرب الناس إليه”.

ومن تعظيم المؤمنين لله تعالى مجانبتهم للمنكرات وإعراضهم عنها ..

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون:3] قال ابن كثير:”أي: عن الباطل، وهو يشمل: الشرك كما قاله بعضهم، والمعاصي كما قاله آخرون، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال”.

ومن عظمة الله سبحانه وتعالى أنه تفضّل على عباده المؤمنين؛ فغرس في قلوبهم حب الإيمان والطاعة وبغض الكفر والمعاصي، قال تعالى: ﴿وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات:7] هؤلاء الذين حبَّب الله إليهم الإيمان، وزيَّنه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون، السالكون طريق الحق.

وتعظيم الله تعالى ببغض المنكرات وإن كان فعلًا قلبيًا، فإن له واقعًا سلوكيًا يصدّق ذلك البغض أو يكذبه، مثل التباعد عن مظانّها وأسبابها، ومجانبة كل وسيلة تقرّب منها، وكذلك الإعراض عن أصحابها، وتجنب مخالطتهم، وإظهار بغض أفعالهم ما داموا على منكرهم، بل وقطيعتهم إذا لزم الأمر ولم يترتب عليه منكر أكبر.

وقد امتثل النبي ﷺ هذا المنهج في واقعة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، والمشار إليها في الآيات: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ …﴾  [الآيات من سورة التوبة: 118]. فأمر النبي ﷺ الصحابة بمقاطعتهم خمسين ليلة، وامتنعوا جميعًا عن الحديث مع هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم أجمعين. ويستفاد من هذه الحادثة إجمالاً عظم أمر المعصية، وأن بغض المنكر يكون بالقلب والجوارح في حدود الوُسع والطاقة.

وكان تعظيم النبي ﷺ لله تعالى عند بيانه للمنكرات واضحًا مهيبًا .. فعن أبي بكرة نفيع بن الحارث أن النبي ﷺ قال: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ. [وفي رواية]: وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: ألَا وقَوْلُ الزُّورِ، فَما زالَ يُكَرِّرُها حتَّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ» [رواه البخاري:6273].

وقد كرَّر النَّبيُّ ﷺ التحذيرَ مِن قَولِ الزُّورِ تنبيهًا على استقباحِه، وكرَّره دون الأوَّلَينِ؛ لأنَّ النَّاسَ يَهُونُ عليهم أمرُه، فيظنُّون أنَّه أقَلُّ مِن سابِقِه، فهوَّل ﷺ أمْرَه ونفَّرَ عنه حين كرَّره.

ومن تعظيم الله تعالى: بغض المنكر حتى لو صدرت المعصية من المرء نفسه ..

فعن أبي أمامه الباهلي أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللَّهِ ﷺ: ما الإيمانُ؟ قالَ: «إذا سَرَّتكَ حسَنتُكَ، وساءَتكَ سيِّئتُكَ؛ فأنتَ مؤمِنٌ» [أخرجه أحمد: 5/252]. وفي الحديث أنَّ الفَرَحَ بما يُرْضي اللهَ والحُزْنَ بما يُغْضِبُه من علاماتِ الإيمانِ.  

وكان السلف يعظّمون الله تعالى ببغض المنكرات، ويظهر ذلك في مواقفهم العملية:

يُروى عن أحمد بن حنبل- رحمه الله- إمام أهل السنة، أنه كان إذا نظر إلى نصراني أغمض عينيه، فقيل له في ذلك، فقال: ” لا أقدرُ أن أنظر إلى من افترى على الله وكذَبَ عليه” [طبقات الحنابلة: 1/12]. وما ذلك إلا لقوة تعظيمه لله تعالى وغيرته على التوحيد.

فمن يعظم الله تعالى يُبغض المنكر، ويحزن إذا عُصِيَ الله في أرضه، ويغير هذا المنكر ما وسعه ذلك، قال عبدالله العمري رحمه الله: إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله، بأن ترى ما يسخطه، فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهى عن المنكر؛ خوفًا ممن لا يملك لك ضرًّا ولا نفعًا” [سير أعلام النبلاء: 8/374].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

– تيسير الكريم الرحمن:عبد الرحمن السعدي

– وما قدروا الله حق قدره:عبد العزيز بن ناصر الجُلَيّل

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop