مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

أسرار التعظيم فيما اقترن من الأسماء الحُسْنَى  (العَزِيزُ العَلِيمُ) إنّ تعلّم أ …

أسرار التعظيم فيما اقترن من الأسماء الحُسْنَى (العَزِيزُ العَلِيمُ)

أسرار التعظيم فيما اقترن من الأسماء الحُسْنَى 

(العَزِيزُ العَلِيمُ)

إنّ تعلّم أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، يورثُ المؤمن علمًا وإيمانًا وتعظيمًا لله تعالى لا يحصّله من العلوم الأخرى.

ومن أسماء الله تعالى ما تكرر إيراده في القرآن الكريم مقترنًا مع اسمٍ آخر؛ ليمنح القارئ عطاءً إيمانيًّا مختلفًا في كلّ موضع وسياقٍ يرد فيه.. قال الشيخ السعدي: (من أسمائه الحسنى ما يؤتى به مفردًا، ويؤتى به مقرونًا مع غيره وهو أكثر الأسماء الحسنى، فيدلُّ ذلك على أن للهِ كمالاً من إفراد كل من الاسمين فأكثر وكمالاً من اجتماعهما أو اجتماعها).

ومن هذه الأسماء التي ورد اقترانها في القرآن الكريم: (العزيز العليم)

واقتران هذيْن الاسميْن يؤذنُ بالتعظيم والإجلال، لأنهما:

– وَرَدَا على صيغة المبالغة (فعيل).

– تضمّن كل اسم منهما جميع ما يُصْرَف إليه من معاني العظمة والجلال.

فاسم الله “العزيز” يعني: القوي الشديد الغالب، الذي لا يُغلب، فهو سبحانه الذي له العزة كلها؛ عزة القوة، وعزة الغلبة، وعزة الامتناع، قال تعالى: ﴿إنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾ [يونس:65].

واسم الله “العليم” يعني: الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن والإسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات، وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [طه:98].

وقد ورد اقتران هذيْن الاسميْن (6) مرات في كتاب الله عزّ وجلّ، وفي كل موضع منها يتجلى سرٌ من أسرار العظمة والجلال في هذا الاقتران، على النحو التالي:

– في قوله تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الأنعام:96]:

سرّ التعظيم في هذا الموْضع: أن الله (العزيز) هو الذي من عزته انقادت له هذه المخلوقات العظيمة، فجَرَت مذلّلة مسخّرة بأمره، بحيث لا تتعدى ما حدده الله لها، ولا تتقدم عنه ولا تتأخر، (العليم) الذي أحاط علمه، بالظواهر والبواطن، والأوائل والأواخر.

وفي تسخير هذه المخلوقات العظيمة دليلٌ على تقدير محكم، ونظام بديع، تتحيَّرُ العقول في حسنه وكماله، وموافقته لمصالح العباد ومنافعهم.

– وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾ [النمل:78]:

وسر التعظيم في هذا الموضع: ما في الآية من البِشارة للمظلوم، والنِّذارة للظالم، فعند وقوع الخلاف بين البشر قد تخفى الحقيقة، وقد يشتبه الحكم الصحيح عند الفصل بين المختلفين، لخفاء الدليل، أو ضعف الحجة، ولكنّ الله (العزيز العليم) سيفصل بين المختصمين بحكمه العدل وقضائه القسط، ويبيّن ما خَفِيَ منها عليهم في الدنيا، لأنه (العزيز) الذي قهر الخلائق فأذعنوا له، (العليم) بأقوال المختلفين، وسيجازي كلًا بعمله يوم القيامة.

– وفي قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [يس:38]:

وسرّ التعظيم في هذا الموضع: أنّ عظمة المخلوق وإتقان صُنعه ودقة نظامه، وأنه لم يلحقه خلل على مرّ العصور، إنما يدل على عظمة الخالق سبحانه، ووحدانيته، ووجوب تعظيمه وتوحيده جلّ وعلا.

– وفي قوله تعالى: ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾[غافر:2]:

وسرّ التعظيم في هذا الموضع: أنه إخبارٌ أنّ المنزّل لهذا الكتاب هو الله، ثم بين أن الله تعالى موصوف بصفات الجلال وسمات العظمة (العزيز العليم) ليصير ذلك الوصف حاملاً للقارئ على التشمير عن ساقِ الجد عند الاستماع، وزجره عن التهاون والتواني فيه.

وذِكرُ هذه الأسماء الثلاثة (الله العزيز العليم) عقيب قوله: (تنزيل) لكونها دالة على أنّ أفعاله سبحانه كلها حكمة وصواب، ومتى كان الأمر كذلك لزم أن يكون هذا التنزيل حقًا وصوابًا.

– وفي قوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [فصلت:12]:

وسرّ العظمة في هذا الموضع: قوة الترهيب لمن أعرض عن الإذعان والخضوع لله تعالى، فهذا التقدير من (العزيز العليم) يوجب أن يصدقّوا ويؤمنوا، ثم قال تعالى بعده مباشرةً: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾[فصلت:13] فحصل بهذا السياق من هيْبة الربّ وعظمته ما ألقى الخوف الشديد في نفس “عتبة بن ربيعة” حين سمع الآيات من النبي ﷺ، وكان مشركًا، ففي الحديث: «فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش» أخرجه ابن أبي شيْبة، والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله.

– وفي قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف:9]:

 وسرّ التعظيم في هذا الموضع: حيث ورد الاسميْن في ختام الآية للإيذان بانفراد الله سبحانه وتعالى بالإبداع والاختراع والتدبير، لأن العِزّة تُؤْذِنُ بالغلبة والاقتدار، والعلمُ يؤذن بالتدبير والاختيار، فعِزَّة الله وعلمه صفتان تبدِّدان حُججَ المشركين في جعل الأصنام أندادًا لله، فتلك الأصنام على خلاف ذلك؛ إذ إنها عاجزةٌ عن فعل شيء، جاهلة بما يدور حولها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المراجع:

– تفسير أسماء الله الحسنى: عبد الرحمن بن ناصر السعدي.

– إحصاء ما اقترن من السماء الحسنى في القرآن الكريم:د.أمير علي الحداد

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop