مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

ألفاظ الأذان، ودلالتها على تعظيم الله تعالى

ألفاظ الأذان، ودلالتها على تعظيم الله تعالى

رفع الأذان عند كل صلاة شعيرةٌ عظيمةٌ من شعائر دين الإسلام الظاهرة، فهي ليست مجرد إعلامٍ بدخول وقت الصلاة، وإنما تضمنت في مباني كلماتها ومعانيها الاعتراف المتجدد لله العظيم بعظمته وكبريائه، وإعلان توحيده، وشُرِعَ رفع صوتِ الحق ليسمعه كل الوجود، ويردده المسلمون لتتأكد في أذهانهم معانيه العميقة، وتسرع لإجابته القلوب السليمة تعظيمًا لله تعالى واستجابةً لأمره؛ رجاءً فيما عنده من الفضل والأجر العظيم.

وكلمات الأذان ذات دلالة واضحة على تعظيم الله تعالى وإعلاء كلمته وتوقير دينه وشعائره:

فبدء الأذان بقولنا: “الله أكبر” دلالة على وجوب تعظيمه سبحانه، وتقديم مراده على كل مراد آخر، وعن معنى “الله أكبر” يقول شيخ الإسلام: (وفي قول “الله أكبر” إثباتُ عظمته، فإن الكبرياء يتضمن العظمة، ولكن الكبرياء أكمل؛ ولهذا جاءت الألفاظ المشروعة في الأذان والصلاة وغيرها بقول: “الله أكبر” فإن ذلك أكمل من قوْل:”الله أعظم”). فكل ما كَبُر في نظر السامع أو في اعتقاده أو في حسبانه؛ فالله أكبر من ذلك.

ثم النداء بالشهادتين: “أشهد أن لا إله إلا الله” “أشهد أن محمداً رسول الله”:

وهذا هو نداء الحق، وفيه تلخيصٌ لرسالة الإسلام؛ لأن دين الإسلام قام على أساسين عظيميْن: أن يُعبَد الله وحده لا شريك له، وأن يُعبَد بما جاء به رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.

ولفظ (أشهد) أي: أعلم علمًا قطعيًّا كالناظر إلى محسوس هو في غاية الجلاء أنَّ (لا إله إلا الله). ثم ينادي المؤذن بأسلوب يخبر عن الحقيقة المؤكدة والنتيجة المسلّمة: (أشهد أن محمدًا رسول الله) ذاكرًا النبي صلى الله عليه وسلم بأشهر أسمائه وأطيبها وأظهرها، مخصّصًا له بوصف الرّسالة بين الحقّ والخلق؛ لأن المقام داع إليه.

ثم النداء بالحث على الصلاة والفلاح: “حي على الصلاة” “حيّ على الفلاح”:

أي: هلمّوا وأقبلوا جهارًا إلى صلاتكم، فإنها دليل تعظيمكم لنداء ربكم، فالصلاة كلها تعظيم لله، وهذا الصدْحُ إعلانٌ وتأكيدٌ على أن الصلاة سببٌ للفلاح، بل إنّ إقامتها هي الفلاح كله لا بعضه ولا جزؤه، كيف لا وهي الصلة الدائمة بين العبد وربه؟! عن ثوبان موْلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ)) [رواه ابن ماجة: 226].

ثم يُختَم الأذان بالتكبير كما بدأ به؛ ليكون حال المسلم دائرًا بين التعظيم لربه، والإسراع إلى تلبية ندائه والقيام بطاعته مدة حياته، فيناله الرضا والتوفيق منه سبحانه.   

ومن حكمة التشريع الواضحة في الأمر بالاستماع إلى الأذان، وترديد كلماته خلف المؤذن: أن الاستماع إلى المؤذن وإجابته من أهم السُبُل إلى غرس قيم تعظيم الله تعالى وتوقير دينه في نفوس المؤمنين.

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ؛ فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) [رواه مسلم: 384].

ومع تكرار الاستماع والترديد خمس مرات كل يومٍ وليلة؛ تنمو وتتأكد معاني تعظيم الله تعالى في قلب المسلم.

روى عبد الرزاق في مصنفه عن الإمام الحافظ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج رحمه الله:” حُدِّثت أن ناسًا فيما مضى كانوا ينصتون للتأذين كإنصاتهم للقرآن؛ فلا يقول المؤذن شيئًا إلا قالوا مثله”، وكان شيخ الإسلام يقول: “لا ينبغي لأحدٍ أن يدع إجابة النداء”.

فليتوقف كل شيء إذًا، وليبدأ التهيؤ للصلاة تفرغًا وتطهرًا وتعظيمًا للقاء الله تعالى ومناجاته، وقد أثّرت كلمات الأذان المباركات التي هي تعظيم لله رب الأرض والسموات في قلب المسلم وهيأت باطنه لهذا الوقوف وتلك المناجاة؛ فإنَّ رفع المؤذن الصوت بالأذان هو إعلامٌ بأن وقت لقاء الله تعالى والوقوف بين يديه قد حان وبدأ.

نسأل الله تعالى أن يملأ قلوبنا بمحبته وتعظيمه، وأن يجعلنا من المعظمين لشعائر دينه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

– مجموع الفتاوى:شيخ الإسلام ابن تيمية

– ولله الأسماء الحسنى:عبد العزيز بن ناصر الجُلَيّل

– البيان في لطائف الأذان:محمد السيد حسن

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop