مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

ذم البرد والحرّ من سوء الأدب مع الله تعالى

ذم البرد والحرّ من سوء الأدب مع الله تعالى

الأساس الأول في الإيمان هو تعظيم الله تعالى بأقصى ما في الإمكان، ومن بديهيات هذا التعظيم مراعاة أدب التوقير والإجلال عند الحديث عن الله تعالى بأفعال ربوبيته وعظيم صفاته، والكفّ عن ما يقع من البعض – جهلًا أو غفلةً – من ذم الحرّ والبردّ والريح

ولو تأملنا كيف تحدث ظاهرة الفصول الأربعة، لعلمنا عظمة الله تعالى في هذا الخلق المحكم،  فهي تحدث بسبب دوران الأرض حول الشمس بميْلٍ محوريٍّ إلى مسار الشمس، وتتكرر كل عام بتسخير الله تعالى لها، لمصالح البشر، وتيسير معايشهم.

فالله تعالى هو الخالق العظيم، وقد جعل الزمان ظرفًا لمواقع الأمور، قال تعالى: ﴿فالِقُ الإصْباحِ وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ﴾ [الأنعام:96].

وتقدير حركات الشمس والقمر والأجرام العلوية وما ينشأ عنها هو من مقتضى عزته وعلمه تبارك وتعالى.

وإنما يُسِيء الأدب مَنْ غَفَلَ عن التأمل وملاحظة رحمة الله بالخَلق في تنوع هذه الأجواء، قال ابن القيم رحمه الله: “وَتَأَمَّلِ الْحِكْمَةَ فِي تَعَاقُبِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ عَلَى هَذَا الْعَالَمِ وَتَعَاوُرِهِمَا عَلَيْهِمَا فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالِاعْتِدَالِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْحِكَمِ لِلْأَبْدَانِ وَالشَّجَرِ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ، وَلَوْلَا تَعَاقُبُهُمَا لَفَسَدَتِ الْأَبْدَانُ وَالْأَشْجَارُ وَانْتَكَسَتْ. ثُمَّ تَأَمَّلْ دُخُولَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِهَذَا التَّدْرِيجِ وَالتَّرَسُّلِ، فَإِنَّكَ تَرَى أَحَدَهُمَا يَنْقُصُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَالْآخَرُ يَزِيدُ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْتَهَاهُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَلَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَجْأَةً لَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالْأَبْدَانِ وَأَسْقَمَهَا” [مختصر الصواعق المرسلة، ص:229].

وقد ورد التحذير من تجاوز الحد اللازم من الأدب في الكلام عن الله تعالى وأفعاله وصفاته وكل ما يتعلق بجلاله ورد في القرآن والسنة المطهّرة،

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بيَدِي الأمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهارَ)).

قال الخطّابي: ” قوله: أنا الدهر، معناه: أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سَبُّه إليّ، لأني فاعلها وإنما الدهر زمان ووقت جعلت ظرفا لمواقع الأمور.”

وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن سبّ الريح، لأنها من خَلْق الله تعالى ومُسَيّرَةٌ بأمره، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسُبُّوا الرِّيحَ ، فإنَّها من رَوحِ اللهِ تعالَى، تأتِي بالرَّحمةِ والعذابِ، ولكِنْ سلُوا اللهَ من خيرِها، وتعوَّذُوا باللهِ من شرِّها لا تسُبُّوا الرِّيحَ، فإنَّها من رَوحِ اللهِ تعالَى ، تأتِي بالرَّحمةِ والعذابِ، ولكِنْ سلُوا اللهَ من خيرِها، وتعوَّذُوا باللهِ من شرِّها))، وروي عن الإمام الشافعي قوله: (لا ينبغي لأحد أن يسب الريح؛ فإنها خَلْقٌ لله تعالى مطيع، وجندٌ من أجناده، يجعلها رحمة أو نقمة إذا شاء) [الأذكار للنووي].

والتعظيم الواجب لله تعالى عند ملابسة تلك الظواهر إنما يكون بأمورٍ، منها:

-اغتنام ما في كل فصلٍ من مكامن الأجور، وملائمة صنوف العبادات:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى غَنِيمَةٍ بَارِدَةٍ؟ قَالُوا: مَاذَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ) [رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على كتاب “الزهد”: 986].

وعن فضل الصيام في الحرّ يُروى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعث أبا موسى على سريةٍ في البحرِ، فبينما هم ذلك قد رفعوا الشراعَ في ليلةٍ مظلمةٍ إذا هاتفٌ فوقهم يهتفُ: يا أهلَ السفينةِ قفوا أخبرْكم بقضاءٍ قضاه اللهُ على نفسِه، فقال أبو موسى: أخبرْنا إن كنتَ مخبرًا قال: إنَّ اللهَ تعالى قضى على نفسِه: أنه من أعطش نفسَه له في يومٍ صائفٍ سقاه اللهُ يومَ العطشِ” [أخرجه البزار:4974 ].

– التزام ما شرعه الله تعالى من الأذكار التي سنّها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحوال وتلك الأوقات، عن سهل بن سعد مرفوعاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر)) [الطبراني/المعجم الكبير: ح5756].

 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا)) [رواه البخاري: ح1032].

وكان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ،  ثم يقول:إنّ هذا لَوعيدٌ شديدٌ لأهل الأرض!) [رواه البخاري في الأدب المفرد: 732].

إنَّ تقلُّبَ الأحوال الكونية مِن صيف وشتاء، وليل ونهار، وجفاف وأمطار، وسكون ورياح، يُعزِّز إيمانَ المؤمن بالله تعالى، ويزيده تعظيمًا لجلاله وتأدبًا وخضوعًا لعظمته سبحانه وتعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

– تفسير القرآن العظيم:الحافظ ابن كثير

– موسوعة الأحاديث النبوية:موقع الدرر السنية

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop