مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

عظمة الله في خلق الإنسان

عظمة الله في خلق الإنسان

قال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين} [المؤمنون:14]. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وافقت ربي في أربع، ومنها لما نزلت هذه الآية قلت أنا: تبارك الله أحسن الخالقين. فنزلت: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 14].

فبحسب جواهر النفوس يكون استقبال مظاهر العظمة الإلهية، فالنفوس المشرقة بالإيمان والمحبة للرحمن؛ تستقبلها بالامتثال؛ فتزداد إيماناً إلى إيمانها، والقلوب المظلمة تستقبلها بالإنكار؛ فتزداد رجساً إلى رجسها.

ويتضمن جسم الإنسان مجالات متعددة ومتنوعة وخارقة في إعجاز التقدير والتكوين الرباني، وفي دقة التصوير، والخلق لهذا الجسم؛ الذي يبهر العقول، ويأخذ بالألباب؛ لما تضمنه من مجالات متنوعة في التناسق الدقيق، والتكامل التكويني والأدائي والمناعي والوظيفي، والذي يمكن الإنسان من القيام بمهامه المفطور عليها بكفاءة عالية، وباقتدار مستدام خلال حياته بمهارة عالية؛ سواء كان ذلك في الجانب الإرادي أو اللا إرادي، وفي المستوى الخلوي الميكروي الدقيق، أو المستوى النسيجي والعضوي والجهاز الجسماني المتكامل.

ومن نماذج عظمة الإبداع الإلهي في جسمنا:

في رأسِ كلٍّ منا ثلاثُمئةٍ ألفِ شعرةٍ، لكلِّ شعرةٍ بصلةٌ، ووريدٌ، وشريانٌ، وعضلةٌ، وعصبٌ، وغدةٌ دهنيةٌ، وغدةٌ صبغيةٌ.

وفي شبكيةِ العينِ عشرُ طبقاتٍ، فيها مئةٌ وأربعون مليونَ مستقبِلٍ للضوءِ، ما بينَ مخروطٍ وعُصَيّةٍ، ويخرجُ من العينِ إلى الدماغِ عصبٌ بصريٌّ، يحوي خمسمئة ألفِ ليفٍ عصبيٍّ.

وفي الأذنِ ما يشبهُ شبكةَ العينِ، فيها ثلاثونَ ألفَ خليةٍ سمعيةٍ لنقلِ أدقِّ الأصواتِ، وفي الدماغِ جهازٌ يقيسُ التفاضلَ الزمنيَّ لوصولِ الصوتِ إلى كلٍّ مِن الأذنينِ، وهذا التفاضلُ يقلُّ عن جزءٍ مِن ألفٍ وستمئة جزءٍ من الثانيةِ، وهو يكشفُ للإنسانِ جهةَ الصوتِ.

وعلى سطحِ اللسانِ تسعةُ آلافِ نتوءٍ ذوقيٍّ، لمعرفةِ الطعمِ الحلوِ، والحامضِ، والمُرِّ، والمالِح، ثم تنقلُ هذا الطعم إلى الدماغِ.

وإنّ كلَّ حرفٍ ينطقُه اللسانُ يسهمُ في تكوينِه سبع عشرَةَ عضلةً.

مَن يصدِّق أنّ في مخاطيةِ الفمِ، أعني الغشاءَ الداخلي للفمِ خمسمئةِ ألف خلية؟! يموتُ في كلِّ خمسِ دقائقَ نصفُ مليونِ خليةٍ في الجدارِ الداخلي، ليحلّ محلَّها نصفُ مليونِ خليةٍ جديدةٍ.

إنّ كرياتِ الدمِ الحمراءَ لو صُفَّ بعضُها إلى جانبِ بعضٍ؛ لزاد طولُها على محيطِ الأرضِ ستةَ أضعافٍ، وإنّ في كلِّ ميليمتر مكعبٍ من الدمِ خمسةَ ملايين كريةٍ حمراء، وإنّ كلَّ كريةٍ حمراءَ تجولُ في الدمِ في اليومِ الواحدِ ألفاً وخمسمئة جولةٍ، تقطع فيه ألفاً ومئةً وخمسين كيلو متراً.

يضخُّ القلبُ مِنَ الدمِ في عمرٍ متوسّطٍ ما يملأ أكبرَ ناطحاتِ سحابٍ في العالَمِ، وينبض في الدقيقةِ الواحدةِ مِن ستينَ إلى ثمانينَ خفقةً، وينبض يومياً مئةَ ألف مرة، يضخُّ مِن خلالِها ثمانيةَ آلاف لتر، والمئتا لتر تعادلُ برميلاً! وقد أجرى بعضُ العلماءِ حساباً عن ضخِّ القلب للدم في العمرِ فوجده ستةً وخمسين مليون جالون، والجالونُ يعادلُ خمس لِترات. إن ربنا لذو فضل عظيم.

يستهلكُ الإنسانُ في الثانية الواحدةِ مئةً وعشرين مليونَ خليةٍ.

في دماغِ الإنسانِ أربعةَ عشرَ مليارَ خليةٍ قشريةٍ، ومئةٌ أربعون مليار خليةٍ استناديةٍ لم تُعرفْ وظيفتُها بعدُ، وهو أعقدُ ما فيه، ومع ذلك فهو عاجزٌ عن فهمِ ذاتِه.

وفي الرئتين سبعمئة مليون سنخٍ رئويٍّ، كعنقود العنب، وهذه الأسناخ لو نُشِرتْ لاحتلَّتْ مساحةَ مئتيْ متر مربّعٍ، وإن هاتين الرئتين تخفقان في اليومِ خمسةً وعشرينَ ألف مرة، وتستنشقان مئةً وثمانين متراً مكعباً.

وفي الكبدِ ثلاثُمئةِ مليارِ خليةٍ، يمكن أن تُجَدَّدَ كلياً خلالَ أربعةِ أشهرٍ، ووظائفُ الكبدِ كثيرةٌ، وخطيرةٌ، ومدهشةٌ، حيث لا يستطيعُ الإنسانُ أنْ يعيشَ بلا كبدٍ أكثرَ من ثلاثِ ساعاتٍ.

إنّ في جدارِ المعدةِ مليارَ خليةٍ تفرزُ من حمضِ كلورِ الماءِ ما يزيدُ على عدةِ لِتراتٍ في اليوم الواحِد، وقد جهدَ العلماءُ في حلِّ هذا اللغزِ، لمَ لا تَهضمُ المعدةُ نفسَها؟ أليستِ المعدةُ معجزةً؟!.

وفي الأمعاءِ ثلاثُ آلافٍ وستمئة زغابةٍ معويةٍ للامتصاصِ في كل سنتمترٍ مربعٍ، وهذه الزغاباتُ تتجدّدُ كلياً كلَّ ثمانٍ وأربعين ساعةً.

وفي الكُليتين مليونا وحدةِ تصفيةٍ، طولُها مجتمعةً مئةٌ كيلو مترٍ، يمرُّ فيها الدمُ في اليومِ الواحدِ خمسَ مراتٍ.

وتحتَ سطحِ الجلدِ خمسةَ عشرَ مليونَ مكيّفٍ لحرارةِ البدنِ، وهي الغددُ العرقيةُ، لكلّ غدّةٍ عرقيةٍ مكيِّفٌ لتكييفِ حرارتِه، وتعديلِ رطوبتِه. إن ربنا لذو فضل عظيم.

وهكذا يتجلى الإبداع في خلق الإنسان؛ ليبقى على الدوام يتفكر في آفاق الخلق وتدبير الخالق، ويردد دائماً بسعادة وطمأنينة قول الله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون:14].

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop