مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من سلسلة مقالات (مظاهر تعظيم الله في رمضان)

من مظاهر تعظيم الله في رمضان (9) | تعظيم النصوص الشرعية

من مظاهر تعظيم شهر رمضان

 تعظيم النصوص الشرعية

ورد عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها بعثته إلى معاوية رضي الله عنه بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال، وقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أرأيته؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية؛ فقال: لكننا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أونراه؛ فقلت: ألا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. (رواه مسلم).

المتأمل في هذا الحديث يرى كيف يُعظّم ابن عباس رضي الله عنهما النص الشرعي المتعلق برؤية هلال رمضان بقوله: (هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناظر في حياة السلف الصالح يرى عجبًا في تعظيمهم للنصوص الشرعية، قياسًا لبعض الناس في هذا الزمن، والذين لا يقيمون وزنًا للنصوص الشرعية، إما بتقديم العقل عليها، أو بأخذ ما يوافق هواهم ورد ما يخالفه).

فمن تمامِ عبوديةِ الخلقِ لربِّهم عَزَ وَجَلَّ تعظيمُهم للوحيينِ: الكتاب والسنَّةِ؛ إذ عليهما مدارُ التكليفِ، وهما مصدرُ التشريعِ، وحصولُ خللٍ في تعظيمِهما يُورثُ قصورًا في اتِّباعِهما، وانحرافًا عن تحقيقِ مقاصدِهما.

والنصوص الشرعية هي نصوص الكتاب والسنة، فالكتاب كلام الله عَزَ وَجَلَّ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وهو كما جاء في أثر علي رضي الله عنه أنه قال: «إن كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم والصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنه الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} [الجن: 1 -2]، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم».

وأما السنة فهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم سواء أكانت قولية أو فعلية أو تقريرية.

كل هذه من سنته صلى الله عليه وسلم التي يجب تعظيمها التعظيم اللائق بها.

وتعظيم الرب تعالى وتمجيده مستلزم لتعظيم أحكامه ونصوص شرعه من القرآن والسنة قال الإمام ابن القيم رَحِمهٌ اللهُ : (أول مراتب تعظيم الحق عَزَ وَجَلَّ تعظيم أمره ونهيه، وذلك لأن المؤمن يعرف ربه عَزَ وَجَلَّ برسالته التي أرسل بها رسول الله إلى كافة الناس ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه، وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله عَزَ وَجَلَّ واتباعه وتعظيم نهيه واجتنابه فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله ونهيه دالاً على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصديق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الأكبر).

والمراد بتعظيم النصوص الشرعية: اعتقاد أنها حق، والعمل بما دلت عليه، بأن يمتثل العبد ما أمرت به، وينتهي عما نهت عنه، ويقدم النصوص الشرعية على ما تهواه نفسه ووالده والناس أجمعون.

ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا يُؤمِنُ أحَدُكم، حتى أكونَ أحَبَّ إليه مِن وَلَدِه ووالِدِه والنَّاسِ أجمَعينَ)) (رواه مسلم).

وهذا يقتضي تقديم ما يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم على ما تحبه النفس، وعلى ما يحبه الولد، وعلى ما يحبه الوالدين، والناس أجمعين.

ومن تعظيم النصوص الشرعية أن يكون هوى العبد تبعًا للنص الشرعي، فيميل معه النص حيث مال، ويترك هواه المخالف للنص.

وهذا التعظيم للنصوص الشرعية يدل على محبة خالصة صادقة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

المقال العاشر: من مظاهر تعظيم الله في رمضان (10) | تعظيم السلف الصالح للنصوص الشرعية

الكلمات المفتاحية

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop