مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

التوسل بأسماء الله وصفاته سبيل التعظيم

التوسل بأسماء الله وصفاته سبيل التعظيم

عن عَبْد اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ»([1]).

توسل الرجل بأسماء لله الحسنى وصفاته العليا.

والتوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا: «هو أن تقدم بين يدي دعائك إلى ربك تعالى تمجيداً له، وتعظيماً وحمداً، وتقديساً في ذاته العلى. ثم تدعو بما بد لك».

ليكون هذا الحمد والتمجيد والتعظيم والتقديس للرب تعالى وسيلة إليه سبحانه؛ لأن يتقبل دعاءك ويجيبك إلى ما دعوت وتنال مطلوبك.

فتأمل في دعاء الملائكة في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[غافر:8].

حيث تضمن هذا الدعاء من الملائكة كمال معرفتهم بربهم، والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى، التي يحب من عباده التوسل بها إليه، والدعاء بما يناسب ما دعوا الله فيه، فلما كان دعاؤهم بحصول الرحمة، وإزالة أثر ما اقتضته النفوس البشرية التي علم الله نقصها واقتضاءها لما اقتضته من المعاصي، ونحو ذلك من المبادئ والأسباب التي قد أحاط الله بها علمًا توسلوا بالرحيم العليم.

وتضمن كمال أدبهم مع الله تعالى بإقرارهم بربوبيته لهم الربوبية العامة والخاصة، وأنه ليس لهم من الأمر شيء؛ وإنما دعاؤهم لربهم صدر من فقير بالذات من جميع الوجوه، لا يُدْلِي على ربه بحالة من الأحوال، إن هو إلا فضل الله وكرمه وإحسانه.

وتأمل في دعاء إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم}[البقرة:128].

قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم} من باب التوسل بأسماء الله عزّ وجلّ المناسبة للمطلوب.

وتأمل في دعاء موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين}[الأعراف:151].

توسل إلى الله تعالى في قبول دعائه بقوله: { وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين }.

وتأمل في الحديث الذي رواه الترمذي بسنده، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن علمتُ أي ليلة القدر، ما أقولُ فيها. قال: ((قولي: اللهمَّ إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عنى)) ([2]).

فيه التوسل باسم الله العفوُّ.

وتأمل في الدعاء الذي رواه مسلم بسنده عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا، إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ، أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ»([3]).

هذا تمجيد لله باسمه رب السموات والأرض والعرش العظيم، وثناء عليه بصفته الربوبية التي ربي بها العالمين بنعمته لا رب لهم سواه.

وتأمل في حديث الرقية الذي رواه مسلم بسنده عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا عَادَ مَرِيضًا يَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، اشْفِهِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»([4]).

وفي هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته ورحمته وأنه وحده الشافي.

أخي المبارك:

من هذه الشواهد؛ نتعلم من هدي الأنبياء كيفية التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا؛ فكن على الجادة، ولا تحيد عن الهدي النبوي في التوسل؛ تغنم.

 

 


[1] سنن أبي داود، باب الدعاء،( 1493)

[2] رواه الترمذي وصححه، رقم (2091).

 [3] صحيح مسلم، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (2713).

[4] صحيح مسلم، رقم(2191).

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop