مخالفات عقدية تنافي التعظيم
كان إبراهيم التيمي- رحمه الله- يقول في قصصه: من يأمن البلاء بعد الخليل؛ حين يقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام}[إبراهيم:35]([1]).
فتأمل هذا الدعاء الخاشع من إمام التوحيد، الذي دعا به لنفسه ولذريته؛ لأنه افتتن بهذه العبادة ناس كثير.
وتأمل قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُم}[محمد:19].
فعلى أساس العلم بحقيقة التوحيد، واستحضارها في العقول، والإقرار بها في القلوب، والعمل بها بالجوارح في واقع الحياة؛ تستقيم حياة الإنسان على الصراط المستقيم، ويسعد الإنسان بالعيش بها في أنُس واطمئنان بالقرب من الله العظيم، صاحب الفضل والإنعام.
وأما إذا جَهِلَ الإنسان بهذه الحقيقة وخالفها؛ وقع في المحذور الذي يُسِخط الرب العظيم المعبود.
ومن المخالفات التي وقع فيها صنف من الناس وتنافي تعظيم الرب الكريم:
والعرَّاف المنجم أو الحازي الذي يدعي علم الغيب، وقد استأثر الله العظيم سبحانه وتعالى بعلم الغيب.
فإن قصد مع ذلك الذبح تعظيم المذبوح له غير الله تعالى، والعبادة له؛ كان ذلك كفراً ([4]). ومن ذلك الذبحُ على أضرحةِ الأولياءِ؛ تعظيماً لهم، ونحرُ الإبل عند لقاء الملوك أو المعظَّمين؛ تعظيماً لهم، أو الذبحُ عند عتبةِ بابِ المنزلِ الجديدِ من أجلِ تجنُّبِ المآسي.
قال بن عبد البر- رحمه الله – إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين؛ فقد ظن أنها ترد القدر، وذلك لا يجوز اعتقاده([6]).
الاستغاثة: عبادة لا تكون إلا بالله وحده؛ قال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِين}[الأنفال:9]، أي: تستجيرون به من عدوكم، وتطلبون منه الغوث والنصر.
“فلا يجوز لأحد أن يستغيث بأحد من المشايخ الغائبين ولا الميتين، مثل أن يقول: يا سيدي فلانا، أغثني وانصرني وادفع عني، أو أنا في حسبك. ونحو ذلك. بل كل هذا من الشرك الذي حرَّم الله ورسوله”([7]).
أخي المبارك:
هذه بعض صور للمخالفات التي تنافي تعظيم الله سبحانه وتعالى؛ فكن على حذر ويقظة أن تقع فيها، واحفظ عقيدتك السليمة مما يشوبها، ويعكر صفوها.
[1] تفسير القرطبي: 9/368.
[2] رواه مسلم،(2230).
[3] رواه مسلم،(1978).
[4] شرح النووي على مسلم،(13/141).
[5] رواه أحمد،( 17422)، قال الألباني: صحيح، انظر: انظر صَحِيح الْجَامِع: (6394)
[6] فتح الباري، لابن حجر: 6/ 142.
[7] ينظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، لابن تيمية: (ص: 326)