مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

سنريهم آياتنا في الآفاق

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ

قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد}[فصلت:53].

الْآفاقِ: النواحي، جمع أفق وهو الناحية من الأرض المتميزة عن غيرها، والناحية من قبة السماء.

لقد صدق اللّه وعده؛ فكشف للبشر عن آياته في الآفاق بما يُبهر العقول اليقظة؛ فقد تفتحت لهم الآفاق بالقدر الذي شاءه اللّه، لقد عرفوا أشياء كثيرة، لو أدركوا كيف عرفوها وشكروا ربهم وعظَّموا وأجلّوه؛ لكان لهم فيما كُشِفَ لهم خير كثير.

وعرفوا بما أثبتته الدراسات الحديثة: أن السماء بناء محكم، تملؤه المادة والطاقة، ولا يمكن اختراقه إلا عن طريق أبواب تفتح فيه. ولولا المعرفة الحقيقية لعروج الأجسام في السماء لما تمكن الإنسان من إطلاق الأقمار الصناعية، ولما استطاع ريادة الفضاء حيث أصبح من الثابت أن كل جرم متحرك في السماء مهما كانت كتلته محكوم بكل من القوى الدافعة له وبالجاذبية مما يضطره إلى التحرك في خط منحن يمثل محصلة كل من قوى الجذب والطرد المؤثرة فيه. وصدق العظيم في قوله: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُون}[الحجر:14]؛ فسبحان من صدق وعده، وعظم شأنه.

وعرفوا أن الأرض ذات صدع كما أخبر ربهم خبر الصدق‏؛‏ لأن هذه الشبكة الهائلة من الصدوع العملاقة أو الأودية الخسيفة التي تمزق الغلاف الصخري للأرض بعمق يتراوح بين‏150.65‏ كيلو مترا،‏ وتمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات لتحيط بالأرض إحاطة كاملة في كل الاتجاهات تتصل ببعضها البعض وكأنها صدع واحد‏.‏ فعبر هذه الصدوع العملاقة خرج كل من الغلافين المائي والغازي للأرض‏,‏ ولا يزالان يتجددان، وعبر النشاط الملازم لها تحركت ألواح الغلاف الصخري الأولي للأرض؛ فتكونت القارات والسلاسل الجبلية، والجزر البركانية‏، وتجددت قيعان المحيطات‏، وتزحزحت القارات، وتبادلت اليابسة والمحيطات، وثارت البراكين؛ لتخرج قدراً من الحرارة الأرضية الحبيسة في داخل الأرض، فسبحان من قال : {وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْع}[الطارق:12].

وعرفوا أن المكونات الأساسية للحياة في الأرض إنما نزلت من السماء، وأنها ألحقت بتركيبة الأرض بفعل القذفات النيزكية التي كانت تأتي من الفضاء.

وكشفت دراسات دقيقة عن مكون هام للنيازك هو هيدرات الحديد الذي أنزل مع هذه الأجسام إنزالاً ملموساً في شكل مركّب حديد وماء وأوكسجين ([1]).

فتعالى وتعاظم من أخبر عباده بذلك، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}[الحديد:25].

وعرفوا أن الماء يشكل العنصر الأساسي في بناء أجساد جميع الأحياء‏، وأن في البناء المعقد لأجساد الكائنات الحية من الماء شهادة لله‏ (تعالى)‏ بطلاقة القدرة المبدعة في الخلق‏، وشهادة بقدرته وعظمته ‏(سبحانه وتعالى)‏ على إفناء خلقه وعلى إعادة بعثه،‏ قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[النور:45].

وعرفوا أن الضوء (الضياء) هو الجزء المرئي من الطاقة الكهرومغناطيسية (الكهربية /المغناطيسية)، والتي تتكون من سلسلة متصلة من موجات الفوتونات التي لا تختلف عن بعضها بعضاً إلا في طول الموجة ومعدل ترددها. ويمثل الجزء المرئي نسبة ضئيلة جدًا من هذه الطاقة.

إن المصدر الأساسي لهذه الطاقة هو الشمس، وتعرف أيضًا بالطاقة الشمسية، الضياء صادر من جسم مشتعل ملتهب مضيء بذاته هو الشمس، والنور وصف لتلك الطاقة عندما تكون منعكسة من جسم معتم كالقمر. وهذا الفرق الدقيق بين الضياء والنور؛ فسبحان من أشار إلى ذلك بعظمته وقدرته في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون}[يونس:5].

وعرفوا دورة القمر واستخدموها في تحديد الزمن والتأريخ للأحداث. ولاحظوا أن القمر في دورته تلك يقع في كل ليلة من ليالي الشهر القمري بين ثوابت من النجوم، سمَّوا كلاً منها “منزلاً” من منازل القمر.

وعرفوا أن عدد تلك المنازل ثمانية وعشرون بعدد الليالي التي يُرى فيها القمر. وتتكرر هذه الدورة في كل شهر قمري؛ حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

تعالى وتعاظم من أشار إلى ذلك في قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم}[يس:39].

وعرفوا أن الضوء مثل المادة ينحني أثناء مروره في مجال تجاذبي مثل الكون، وحينما ينعطف الضوء الصادر من النجم في مساره إلى الأرض، فإن الناظر من الأرض يرى موقعاً للنجم على استقامة بصره، وهو موقع يغاير موقعه الذي صدر منه الضوء؛ فتعالى وتعاظم من قال: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم} [الواقعة:75].

والقلب البشري المعظِّم لله عز وجل الذي يعيش مع القمر دورة كاملة، يدرك دقة النظام، وروعة الجمال والجلال المدبرة للأجرام بذلك النظام. سواء كان يعلم سر ذلك أو لا يعلم.

[1] مجلة الإعجاز العلمي العدد (38) ربيع الآخر 1432هـ، ص 39.

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop