مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

سورة الإخلاص

سورة الإخلاص

 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ: بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا، وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: «يَا فُلاَنُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ»([1]).

فمن أحب صِفَات الله؛ أحبه الله، وَأدْخلهُ الْجنَّة.

وقد أحب الرجل قراءتها؛ لأنها صفة الرحمن تعالى، فحبها يدل على حسن اعتقاده في الدين، وتنزيه لله تعالى وتعظيمه، ونفي الأضداد والأولاد.

وسورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن؛ لأنها أخلصت للخبر عن الرب العظيم تعالى وصفاته.

وسميت «سورة الإخلاص» واشتهرت بها؛ لاختصاره وجمعه معاني هذه السورة؛ لأن فيها تعليم الناس إخلاص العبادة لله تعالى، أي سلامة الاعتقاد من الإشراك بالله غيره في الإلهية.

وسميت في بعض المصاحف «سورة التوحيد»؛ لأنها تشتمل على إثبات أنه تعالى واحد.

وقد شملت سورة الإخلاص من كمال التوحيد العلمي الاعتقادي، وإثبات الأحدية لله، المستلزمة نفي كل شركة عنه، وإثبات الصمدية المستلزمة لإثبات كل كمال له مع كون الخلائق تصمد إليه في حوائجها، أي: تقصده الخليقة، وتتوجه إليه، علويها وسفليها، ونفي الوالد والولد، والكفء عنه المتضمن لنفي الأصل، والفرع والنظير، والمماثل مما اختصت به، وصارت تعدل ثلث القرآن.
أي  في الثواب والجزاء.

ففي اسمه الصمد إثبات كل الكمال للرب العظيم، وفي نفي الكفء التنزيه عن الشبيه والمثال. وفي الأحد نفي كل شريك لذي الجلال، وهذه الأصول الثلاثة هي مجامع التوحيد.

ووجه كونها تعدل ثلث القرآن أن معاني القرآن ثلاثةثلث يتعلق بالله عز وجل، وثلث يتعلق بالأحكام، وثلث يتعلق بالقصص والأخبار، وهذه السورة تضمنت الثلث المتعلق بالخبر عن الله العظيم، وعن التوحيد.

وقد ورد في السورة(أَحَدٌ) منكرة؛ لتفيد التفخيم والتعظيم لله الجليل.

وبين في قوله:(الله الصمد) أنه جلا جلاله المستحق لأن يكون هو الصمد دون ما سواه؛ فإنه المستوجب لغاية الكمال.

والذي تمتاز به معاني سورة التوحيد أنها تعظم الله وتعمق هذا التعظيم في كل مناحي الحياة، وقيامها على أساسه، واتخاذها قاعدة للمنهج العملي الواقعي في الحياة، تبدو آثاره في تعظيم الأمر والنهي، كما تبدو في الاعتقاد سواء.

وأول هذه الآثار أن تكون شريعة اللّه العظيم وحدها هي التي تحكم الحياة. فإذا تخلفت هذه الآثار؛ فإن عقيدة التوحيد لا تكون قائمة، فإنها لا تقوم إلا ومعها آثارها محققة في كل ركن من أركان الحياة.

واللّه – سبحانه – هو السيد العظيم الذي لا سيد غيره، فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد. وهو المقصود وحده بالحاجات، المجيب وحده لأصحاب الحاجات. وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه، ولا يقضي أحد معه، وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد.



 


[1] صحيح البخاري،(1/ 155).

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop