أثر الدعاء في تعظيم الله تعالى
أدخل المسجد ويدخل معي العشرات والمئات بل والألوف ومئات الألوف والملايين في مختلف المساجد فتخر الجباه ساجدةً لله سبحانه، وكل واحدٍ من هؤلاء الساجدين قد أضمر حاجاته في نفسه دون علم أحدٍ من الخلق، ليبثها حال سجوده بين يدي الله تعالى، فهذا يطلب السعة في الرزق، وذاك يطلب العافية، وآخر يطلب الولد، وآخر يطلب النجاح والتوفيق، وآخر يطلب النصر على الأعداء، وآخر يطلب الإعانة في سداد دين، وآخر وآخر
كلهم وقفوا بين يدي الله ورفعوا حاجاتهم لله جل في علاه.
وهنا تتجلى تلك العظمة العظيمة، يالها من عظمةٍ تقشعر لها القلوب والأبدان..
نعم ..
حين تتأمل فتجد كل تلك الحاجات بل وغيرها كثير جداً، كلها مملوكةٌ لله، كلها لا يمنحها ولا يعطيها سوى الله، أليس ذلك مدعاةً لاستشعار عظمته وقهره وسلطانه.
كل ما في الكون ــ سواءً كان دقيقاً أو جليلاً ــ ملكٌ لله، ولن تنل من هذه الدنيا إلا ما قدره لك الله، وأذن لك أن تُعطاه.
إننا حين نضع حاجاتنا بين يدي ربنا سبحانه يجب أن نستشعر عظمة الله وملكه الكامل، فتخيل أن أحداً يملك كل شيءٍ لك، يملك حياتك، عمرك، صحتك وعافيتك، رزقك، صلاحك وصلاح ذريتك، بل يملك ما هو أدق من ذلك، ولئن اجتمعت الجن والإنس على أن ينفعوك أو يضروك لن يمكنهم ذلك إلا أن يشاءه الله لك.
إن اليقين التام الذي يقوم بالقلب ــ وهو يخر ساجداً بين يدي الرب ــ بأنه سبحانه قادرٌ تمام القدرة على العطاء والمنح، والقبض والمنع، لكفيلٌ بأن يحرك في ذلك القلب مكامن التعظيم والإجلال لله سبحانه، وذلك إن تحقق واستقر في النفس أعظم مما قد يؤتاه العبد إن استجاب الله دعاءه، فما يحصل في القلب من تعظيم الله والقرب منه وزياده يقينه ومعرفته بقوة الله وكمال قدرته أعظم من مطلوبه الدنيوي الذي يتحقق بالدعاء، فالأول بابٌ لحب المنعم والقرب منه، ولا ينتهي أثره، بل يظل ملازماً للعبد إن حافظ عليه حتى آخرته، والمطلوب الدنيوي له زمن ينتهي إليه، وأجلٌ ينقضي به.
فالسعيد من التمس بحاجاته باب ربه، وكان على يقين بجليل قدرة الله وعظمته.. والحمد لله رب العالمين،،