مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

خَلْقُ الموت والحياة دليلا التعظيم عَنْ قَتَادَةَ -رحمه الله- فِي قَوْلِهِ: {الّ …

خَلْقُ الموت والحياة دليلا التعظيم

خَلْقُ الموت والحياة دليلا التعظيم

عَنْ قَتَادَةَ -رحمه الله- فِي قَوْلِهِ: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: “إِنَّ اللَّهَ أَذَلَّ بَنِي آدَمَ بِالْمَوْتِ، وَجَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ حَيَاةٍ ثُمَّ دَارَ مَوْتٍ، وَجَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ جَزَاءٍ ثُمَّ دَارَ بَقَاءٍ”([1]).

قال ابن عاشور: (أُوثِرَ بالذكر من المخلوقات الموتُ والحياةُ؛ لأنهما أعظم العوارض لجنس الحيوان الذي هو أعجب الموجود على الأرض، والذي الإنسان نوع منه، وهو المقصود بالمخاطبة بالشرائع والمواعظ، فالإماتة تصرف في الموجود بإعداده للفناء، والإحياء تصرف في المعدوم بإيجاده، ثم إعطائه الحياة ليستكمل وجود نوعه)([2]).

وخصَّ بالذكر الموت والحياة؛ لما يدلان عليه من العبرة بخلق المتضادين على الإنسان؛ وللدلالة على عظمة وكمال صنع الصانع.

والموت مكروه لكل حي؛ فكانت الإماتة مظهرا عظيما من مظاهر القدرة؛ لأن فيها تجلي وصف القاهر، فأما الإحياء؛ فهو من مظاهر وصف القادر، ولكن مع وصفه المنعم.

ومن مقاصد خلق الموت والحياة؛ ليكون من البشر أحياء يعملون الصالحات والسيئات، ثم أمواتا يخلصون إلى يوم الجزاء؛ فيجزون على أعمالهم بما يناسبها.

وليختبرهم ليظهر له شكرهم وكفرهم، كيف يكونان عند المحنة في الصبر، وعند النعمة في الشكر.

وبناء العالم على ناموس الموت والحياة؛ له حكمة عظيمة من العظيم سبحانه وتعالى؛ لا يعلمها على الإطلاق إلا الخالق العظيم، ويعسر على الأفهام الاطلاع عليها.

فمن آثار تمكن العظيم المطلق من الملك وتصريفه له، وآثار قدرته على كل شيء وطلاقة إرادته، أنه خلق الموت والحياة. والموت يشمل الموت السابق على الحياة، والموت اللاحق لها. والحياة تشمل الحياة الأولى والحياة الآخرة.

وكلها من خلق اللّه، التي تنشئ هذه الحقيقة في النفس البشرية، وتثير إلى جانبها اليقظة لما وراءها من قصد وابتلاء؛ فليست المسألة مصادفة بلا تدبير، وليست كذلك جزافا بلا غاية؛ إنما هو الابتلاء لإظهار المكنون في علم اللّه من سلوك الناس على الأرض، واستحقاقهم للجزاء على العمل.

وإنما قدم ذكر الموت على ذكر الحياة مع أن الحياة مقدمة على الموت؛ لأن أقوى الناس داعياً إلى العمل من نصب موتَه بين عينيه فقُدِم؛ لأنه فيما يرجع إلى الغرض له أهم.

أخي المبارك:

كن ذاكراً للموت بقدر ما يؤدي إلى التجافي عن دار الغرور، و وما يؤدي  إلى استثمار  الحياة للاستعداد للآخرة.

[1] رواه الطبري في تفسيره (29/2).

[2] التحرير والتنوير، ابن عاشور:29/ 12.

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop