مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

من أحصاها دخل الجنة

من أحصاها دخل الجنة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ» ([1]).

اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين؛ وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء.

ومراتب إحصاء أسمائه – ﷻ – التي من أحصاها دخل الجنة:

المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها.

المرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها.

المرتبة الثالثة: دعاؤه بها، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].

وهو مرتبتان:

أحدهما: دعاء ثناء وعبادة.

والثاني: دعاء طلبٍ ومسألة.

فلا يُثْنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلَى، ولذلك لا يُسأل إلا بها، فلا يقال: يا موجود، أو يا شيء، أو يا ذات اغفر لي وارحمني! ! بل يُسأل في كلِّ مطلوب باسم يكون مقتضيًا لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسِّلًا إليه بذلك الاسم. ومن تأمل أدعية الرُّسُل، ولا سيما خاتمهم وإمامهم -صلوات الله وسلامه عليهم- وجدَها مطابقةً لهذا ([2]).

تأمل دعاء الرسول ﷺ بأسماء الله وصفاته:

 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ. إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ الجَنَّةَ – أَوْ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ – وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ “([3]).

وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ… »([4]).

المرتبة الرابعة: التعبد لله بمقتضاها:

فإذا علمت أنه ﷻ رحيم تتعرض لرحمته بالقيام بالأسباب الموجبة للرحمة، وإذا علمت أنه غفور تتعرض لمغفرته بالأخذ بأسبابها التي ذكرها ﷻ في كتابه وذكرها رسوله ﷺ في سنته، وإذا علمت أنه سميع؛ اتقيت القول الذي يغضبه، وإذا علمت أنه بصير؛ اجتنبت الفعل الذي لا يرضاه.

ومن التعبد لله بمقتضاها:

 أنه سبحانه محسن يحب المحسنين، شكور يحب الشاكرين، جميل يحب الجمال، طيب يحب كل طيب، نظيف يحب النظافة، عليم يحب العلماءَ من عباده، كريم يحب الكرماءَ، قوي والمؤمن القوي أَحب إِليه من المؤمن الضعيف، بر يحب الأَبرار، عدل يحب أَهل العدل، حيي ستير يحب أهل الحياءِ والستر، عفو غفور يحب من يعفو من عباده ويغفر لهم، صادق يحب الصادقين، رفيق يحب الرفق، جواد يحب الجود وأهله، رحيم يحب الرحماءَ، وتر يحب الوتر.

فهو سبحانه يحب أَسماءه وصفاته ويحب المتعبدين له بها، ويحب من يسأَله ويدعوه بها، ويحب من يعرفها ويعقلها ويثني عليه بها ويحمده ويمدحه بها.

ومن التعبد لله بمقتضاها:

تجنب الاتصاف بالصفات التي يكرهها، فإِنه ﷻ يبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأَن اتصافه بها ظلم، إِذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه، لمنافاتها لصفات العبيد، وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعديه طوره وحدَّه.

فمن حصلت له جميع مراتب الإحصاء؛ حصل على الغاية، ومن مُنح مَنحًى من مناحيها؛ فثوابه بقدر ما نال.

[1] رواه الشيخان: صحيح البخاري،( 2736)، صحيح مسلم ،( 2677).

[2] بَدَائعُ الفوَائِدِ، ابن القيم: 1/ 290.

[3] صحيح البخاري: باب ما يقول إذا أصبح، (6323).

[4] صحيح مسلم: باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، (771).

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop