مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

الكون دليل القدرة المطلقة عن ابن عباس – رضي الله عنهما- في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَ …

الكون دليل القدرة المطلقة

الكون دليل القدرة المطلقة

عن ابن عباس – رضي الله عنهما- في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير([1]).

فهؤلاء تفكروا في خلق الله للكون وفي تدبيره له؛ فأثمر لهم تفكرهم معرفة أنه على كل شيء قدير.

والمتأمل في آيات القرآن الدالة على تدبيره لشؤون الكون؛ وجد أنه جل جلاله وصف نفسه بالقدرة المطلقة، ثم يذكر في الآيات دليل القدرة، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير. تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب}[آل عمران:26-27].

 فمن أكبر الأدلة على قدرة الله وعظمته أنه يدخل الليل في النهار، والنهار في الليل؛ فينشأ عن ذلك من الفصول، والضياء والنور والشمس، والظل، والسكون، والانتشار مما هو نافع لمصالح الناس في الدين والدنيا.

والولوج لغة هو الدخول، ولما كان من غير المعقول دخول زمن في زمن آخر؛ اتضح لنا ان المقصود بكل من الليل والنهار هنا هو المكان الذي يتغشيانه أي الأرض، بمعني ان الله تعالى يدخل نصف الأرض الذي يخيم عليه ظلام الليل بالتدريج في مكان النصف الذي يعمه النهار، كما يدخل نصف الأرض الذي يعمه النهار بالتدريج في مكان النصف الذي تخيم عليه ظلمة الليل، وهو ما يشير الي كل من كروية الأرض ودورانها حول محورها امام الشمس بطريقة غير مباشرة، ولكنها تبلغ من الدقة والشمول والاحاطة ما يعجز البيان عن وصفه.

 إن هذه الحركة الخفية المتداخلة، حركة إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل وإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي؛ تدل على قدرة الله وعظمته بلا شبهة ولا جدال؛ متى ألقى القلب إليها انتباهه، واستمع فيها إلى صوت الفطرة الصادق العميق، والقلب اليقظ يكاد يبصر مظاهر قدرة الله وعظمته، وهي تحرك الأفلاك، وتلف هذه الكرة المعتمة أمام تلك الكرة المضيئة، وتقلب مواضع الظلمة ومواضع الضياء؛ شيئا فشيئا؛ يتسرب غبش الليل إلى وضاءة النهار. وشيئا فشيئا يتنفس الصبح في غيابة الظلام، شيئا فشيئا يطول الليل، وهو يأكل من النهار في مقدم الشتاء. وشيئا فشيئا يطول النهار وهو يسحب من الليل في مقدم الصيف، وهذه أو تلك حركة لا يدعي الإنسان أنه هو الذي يمسك بخيوطها الخفية الدقيقة، ولا يدعي كذلك عاقل أنها تمضي هكذا مصادفة بلا تدبير.

وقال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُور}[الملك:3].

دليل القدرة في قوله تعالى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا}[الملك:3].

دلالة السموات على القدرة من وجوه:

أحدها: من حيث إنها بقيت في جو الهواء معلقة بلا عماد ولا سلسلة.

 وثانيها: من حيث إن كل واحد منها اختص بمقدار معين مع جواز ما هو أزيد منه وأنقص.

 وثالثها: أنه اختص كل واحد منها بحركة خاصة مقدرة بقدر معين من السرعة والبطء إلى جهة معينة.

وكل ذلك يدل على استنادها إلى قادر تام القدرة([2]).

وإذا كانت السموات سبع طبقات؛ فكذلك الأرض كما يبينه قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ }[الطلاق:12].

فهذه الآية أكدت على أن الأرض تشبه السماوات؛ فعبَّرت الآية عن ذلك بقوله: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ فكما أن السماوات هي طبقات، كذلك الأرض عبارة عن طبقات، وكما أن عدد طبقات السماوات هو سبعة، فكذلك عدد طبقات الأرض هو سبعة أيضاً.

فقوله تعالى: ﴿طِبَاقًا﴾، توحي بوجود طبقات، وتوافق توافقاً دقيقاً بين نص الوحي المنزل على قلب النبي الأمي ﷺ، وبين ما ثبت كحقيقة علمية لا تقبل الجدال، وما اكتشفه العلماء اليوم من أن الأرض عبارة عن طبقات؛ يقودنا إلى الاستنتاج بأن القرآن قد حدّد شكل الأرض وهو الطبقات، وحدد أيضاً عدد هذه الطبقات وهو سبعة، أي أن القرآن قد سبق علماء القرن العشرين إلى الحديث عن حقيقة الأرض بأربعة عشر قرناً.

وكل ذلك دال على قدرته وعظمته في تدبير شؤون الكون، تدبير دال  على وحدانيته، وتدبير  يعود بالخير على البشرية.

أخي المبارك:

اجعل لك “ورد تفكر “في شؤون الكون؛  فالتفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين؛ تُقَرِب صاحبها من رب العظمة والقدرة، رب العالمين.

 

[1] تفسير ابن كثير، (3/606).

[2] تفسير الرازي،(30/581).

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop