مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات موقع مشروع تعظيم الله

جهود علماء أهل السنة والجماعة في تقرير توحيد الأسماء والصفات

جهود علماء أهل السنة والجماعة

في تقرير توحيد الأسماء والصفات

قال ربيعةُ الرأي – رحمه الله – في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، «الاستواء معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ، ومِنَ اللهِ البيانُ، وعلى الرسولِ البلاغُ، وعلينا الإيمان».

فما معنى توحيد الأسماء والصفات وما معتقد أهل السنة والجماعة فيه؟

قال السَّعْديُّ – رحمه الله – : (توحيدُ الأسماءِ والصِّفاتِ: هو اعتقادُ انفِرادِ الرَّبِّ جَلَّ جلالُه بالكَمالِ المُطلَقِ مِن جميعِ الوُجوهِ بنُعوتِ العَظَمةِ والجَلالةِ والجَمالِ التي لا يشارِكُهُ فيها مُشارِكٌ بوَجهٍ مِنَ الوُجوهِ، وذلك بإثباتِ ما أثبَتَه اللهُ لنَفْسِه، أو أثبَتَه له رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ من جميعِ الأسماءِ والصِّفاتِ ومعانيها وأحكامِها الوارِدةِ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، على الوَجهِ اللَّائِقِ بعَظَمتِه وجَلالِه، من غيرِ نَفيٍ لشَيءٍ منها، ولا تعطيلٍ ولا تحريفٍ ولا تمثيلٍ).

ومذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته: أنهم يؤمنون بها، ويثبتونها كما جاءت في القرآن والسنة، ويمرونها كما جاءت؛ من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

 وأهل السنة والجماعة: هم أصحاب النبي ﷺ ومن سلك سبيلهم.

نقل ابنُ رُشدٍ عن مالكٍ- رحمه الله – أنَّه قال: (لا ينبغي لأحَدٍ أن يَصِفَ اللهَ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه في القُرآنِ، أو وَصَفَه به رَسولُه ﷺ في مُتواتِرِ الآثارِ، ولا يُشَبِّهَ يَدَيه بشَيءٍ، ولا وَجْهَه تبارك وتعالى بشَيءٍ، ولكِنَّه يَقولُ: له يدانِ كما وَصَف به نَفْسَه، وله وَجهٌ كما وَصَفَ نَفْسَه، تَقِفُ عند ما وَصَف به نَفْسَه في الكِتابِ؛ فإنَّه تبارك وتعالى لا مِثْلَ له ولا شَبيهَ ولا نظيرَ)([1]).

وتأمل في معتقد أبي حنيفة– رحمه الله- في أسماء الله و صفاتِه جل وعظم شأنه، حيث قال: (لا ينبغي لأحَدٍ أن ينطِقَ في ذاتِ اللهِ بشَيءٍ، بل يَصِفُه بما وصف به نَفْسَه، ولا يقولَ فيه برأيِه شيئًا، تبارك اللهُ رَبُّ العالَمينَ)([2]).

وتأمل في معتقد الشَّافعي – رحمه الله- في أسماء الله و صفاتِه جل وعز حيث قال: (حرامٌ على العقولِ أن تمثِّلَ اللهَ عزَّ وجَلَّ، وعلى الأوهامِ أن تحُدَّه، وعلى الظُّنونِ أن تقطَعَ، وعلى النُّفوسِ أن تفَكِّرَ، وعلى الضَّمائِرِ أن تَعمَّقَ، وعلى الخواطِرِ أن تحيطَ، وعلى العُقولِ أن تَعقِلَ، إلَّا ما وصف به نَفْسَه، أو على لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)([3]).

وتأمل فيما قاله أحمدُ بنُ حَنبَلٍ– رحمه الله-: (لا يُوصَفُ اللهُ تعالى بأكثَرَ مِمَّا وَصَف به نَفْسَه، أو وصَفَه به رَسولُه بلا حَدٍّ ولا غايةٍ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}[الشورى:11]، ولا يبلُغُ الواصفونَ صِفَتَه، وصِفاتُه منه، ولا نتعَدَّى القُرآنَ والحديثَ؛ فنقولُ كما قال، ونَصِفُه كما وَصَفَ نَفْسَه، ولا نتعَدَّى ذلك ([4]).

وقال أبو عُمَرَ ابن عبد البر- رحمه الله- : أهلُ السُّنَّةِ مُجموعون على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كُلِّها في القُرآنِ والسُّنَّةِ، والإيمانِ بها، وحَمْلِها على الحقيقةِ لا على المجازِ([5]).

وقال ابنُ تَيميَّةَ – رحمه الله – القَولُ الشَّامِلُ في هذا بابِ أسماء الله وصفاته: (أن يُوصَفَ اللهُ بما وَصَف به نَفْسَه، أو وصَفَه به رَسولُه، وبما وصفه به السَّابِقون الأوَّلونَ، لا يتجاوَزُ القُرآنَ والحَديثَ)([6]).

وقال ابنُ باز– رحمه الله ” -الواجِبُ على جميعِ المُسلِمينَ هو الإيمانُ بأسمائِه وصِفاتِه الواردةِ في الكِتابِ العزيزِ والسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، وإثباتُها له سُبحانَه على الوَجهِ اللَّائِقِ بجَلالِه، مِن غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ، كما قال سُبحانَه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}[الشورى:11]، ، وقال عزَّ وجَلَّ: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون}[النحل:74]، وقال سُبحانَه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد. اللَّهُ الصَّمَد. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد}[الإخلاص:1-4].

وهي توقيفيَّةٌ لا يجوزُ إثباتُ شَيءٍ منها للهِ إلَّا بنَصٍّ من القُرآنِ، أو من السُّنَّةِ الصَّحيحةِ؛ لأنَّه سُبحانَه أعلَمُ بنَفْسِه، وأعلَمُ بما يليقُ به، ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو أعلَمُ به، وهو المبَلِّغُ عنه، ولا يَنطِقُ عن الهوى([7]).

وهذا منهم رحمهم الله تعالى، ونضر الله وجوههم؛ تعظيماً لقدر الله وإجلاله.

فإذا أردنا أن نكون ممن أسعده الله بطمأنينة الإيمان، وأثلج صدورنا ببرد اليقين؛ فلا نعدل عن هذا المعتقد بديلاً؛ لأنه الرأي الأسلم والأرشد في تعظيم الله، وإجلاله، وتقديره، وتوقيره.

 

 

[1] يُنظر: ((البيان والتحصيل)) (16/ 400).

[2] يُنظر: ((شرح الطحاوية))، لابن أبي العز )2/ 427).

[3] يُنظر: ((اعتقاد الشافعي))، للهكاري (ص: 19).

[4] يُنظر: ((ذم التأويل))، لابن قدامة (ص: 22).

[5] يُنظر: ((التمهيد) ، (7/145).

[6] يُنظر: ((مجموع الفتاوى))، (5/26).

[7] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز))، (8/ 44).

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop