مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

المجموعة الشمسية .. دلائل القدرة الباهرة

عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي المَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ»، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ} [يس: 38]([1]).

فالشمس تنقاد لله تعالى مُعَظِّمة له انقياد الساجد من المكلفين.

وجريانها من قدرته سبحانه وتعالى الدالة على كمال عظمته وعظيم سلطانه.

وقد أثبت العلم الحديث أن النظام الشمسي  يتكون  من الشمس كمركز له، وكل ما يدور حولها من أجسام، ويبلغ عدد كواكب المجموعة الشمسية ثمانية كواكب، ويصل عدد الأقمار إلى (166) قمرًا، بالإضافة إلى (5) كويكبات، وبلايين الأجرام الصغيرة، وتتضمن الأجسام الصغيرة النيازك والمذنبات.

ومن خصائص الأجرام السماوية “الحركة”، وقد عبر القرآن الكريم عنها بالسبح في قوله تعالي: {لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون} [يس:40].

وقد اكتشف العلماء أن الأجرام السماوية تتحرك وتنتقل داخل دوائر خاصة؛ فسبحان من دبر ذلك بحكمته وعظمته.

فهذا الكون لا يمكن أن يكون مستقراً بأي حال من الأحوال إلا إذا كان كل جرم من أجرامه في حالة حركة مستمرة، ولو حدث أن توقف أي جرم عن الحركة؛ لانجذب فورا إلى أقرب الأجرام إليه بسبب قوة الجاذبية التي أودعها الله العظيم مادة الكون؛ ولهذا فقد اختار الله سبحانه نوعين من الحركة لهذه الأجرام حركة دائرية وأخرى خطية.

 فالحركة الدائرية اختارها الله عز وجل؛ لحفظ الأقمار حول الكواكب، والكواكب حول الشموس، والشموس حول مراكز المجرات، ولوقف هذه المتوالية اختار الله سبحانه الحركة الخطية؛ لحفظ المجرات من الانجذاب لبعضها البعض، حيث أنها تتحرك في مسارات باتجاهات خارجة من مركز الانفجار الكوني وصدق الله العظيم القائل:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:38-40].

ويقرر علماء الفلك:” أن المجموعة الشمسية وغيرها من المجموعات التي تسير في مواقعها وتسبح في أفلاكها لو حادت قيد شعره عن مسارها المخصص؛ لاختلف نظام الكون كله باختلال نظام الجاذبية بين الكواكب ([2]).

ومن خصائص الأجرام السماوية في حركاتها، “التوازن”.

وقد درس العلماء هذه الخاصية؛ فوجدوا أن النجم أو الكوكب أو غيره يدور في حركة محورية حول نفسه؛ فتنشأ عنه قوة طاردة مركزية تحفظ عليه موقعه في مساره، أو مداره؛ فلا يصطدم بالنجم الذي يدور من حوله.

وبالنسبة لكوكب الأرض، هناك قوة الجاذبية الشمسية التي تجذبه حتى لا ينفلت من جوارها، بل إن جميع الأجرام السماوية “تسبح” بالمصطلح القرآني في أفلاك أو مسارات محددة، وبنظام دقيق، لا تتغلب فيه قوة على قوة أخرى، بل توازن عام يسود جميع المنظومات، وميزان بالغ الدقة، وهو أحد النواميس الكونية التي وضعها الله تعالى، {لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون}[يس:40].

والتوازن هو الجمع بين الأضداد، بمعنى أن الأجرام السماوية تقع تحت تأثير قوى جاذبة تربط فيما بينها، وتقع كذلك تحت تأثير قوى رافعة تحفظها من السقوط. وقوى التجاذب الرابطة من شأنها أن تقرَّب وتجمع فيما بين الأجرام، بينما تعمل طاقة حركتها (المكتسبة من القوى الرافعة) على انطلاقها بعيداً في أعماق الفضاء (طبقا لخصائص تأثير القوة في الأجسام)، ولكن حفظ هذه الأجرام من السقوط بعضها على البعض الآخر، واستمرار دورانها (أو سباحتها) في أفلاك ثابتة، يستلزم بالضرورة أن يكون تأثير قوى التجاذب مساوياً لتأثير طاقة الحركة ومضادَّا لاتجاهها. وتصير الأجرام بذلك على أبعاد ثابتة في مجموعاتها التي تنتمي إليها، أي أن الله سبحانه وتعالى قد عادَل وساوى بين تأثير قوى التجاذب الرابطة للأجرام السماوية وتأثير حركاتها المكتسبة من قوى الرفع؛ فحفظها بذلك من السقوط بتأثير القوى الرابطة، كما حفظها من التشتت بتأثير القوى الرافعة. وهكذا انتظمت مكونات الكون الهائل في نظام محكم يضبط حركتها ويمنع تصادمها، ويحفظ توازنها واستقرارها في أفلاكها إلى أن يأتي نهاية أجل ذلك بقيام الساعة.

وقد أخبرنا ربنا بأن تسخيره للشمس والقمر، يجريان بتدبير ونظام، لم يختل منذ خلقهما؛ ليقيم بذلك من مصالح العباد ومنافعهم، في دينهم ودنياهم، ما به يعتبرون وينتفعون، ويعظِّمون ربهم، وأخبر بأن الجريان لأجل مسمَّى فإذا جاء ذلك الأجل؛ انقطع جريانهما، وتعطل سلطانهما، وذلك في يوم القيامة، قال تعالى: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير}[لقمان:29].

فسبحانه من إله عظيم؛ دبَّر نظام كونه بما يحقق مصالح ومنافع عباده؛ ليحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة.

[1] صحيح البخاري، (4802).

[2] مباحث في إعجاز القرآن: مصطفى مسلم، ص 187.

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop