مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

من كتابات مشروع تعظيم الله

التعرف على الله بأسمائه وصفاته

عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – ﷺ -: “…أسألك بكل اسم هو لك سمَّيْتِ به نفسَك، أو أنزلتَه فيِ كتابك، أو عَلّمته أحدِاً من خَلْقك، أو استأثرت به في علم الغيبِ عندك، أن تجعل القرآنَ ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاءَ حزني، وذَهَاب هَمِّي”([1]).

علمنا الرسول ﷺ التوسل بأسماء الله تعالى التي سمَّا بها نفسه ما علم العباد منها، وما لم يعلموا؛ لأنها أحسن الوسائل لتحقيق القرب، وتحصيل المطلوب، وتعظيم رب الأرباب. 

وأمرنا ربنا بدعائه بأسمائه الحسنى؛ فقال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:180]؛ فيدعى العبد في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب؛ فيقول الداعي مثلا اللهم اغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، وتب عَلَيَّ يا تواب، وارزقني يا رزاق، ونحو ذلك.

ولسائل أن يسأل لماذا سُمِّيَت حُسْنَى؟

سميت حُسْنَى؛ “لأن كل اسم دال على صفة كمال عظيمة، فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها، وذلك نحو {العليم} الدال على أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء، فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، و {الرحيم} الدال على أن له رحمة عظيمة، واسعة لكل شيء”([2]).

وسميت حُسْنَى؛ “لأنها دالة على ثبوت صفات كمال حقيقي، أما بعضها؛ فلأن معانيها الكاملة لم تثبت إلا لله نحو: الحي، والعزيز، والحكيم، والغني، وأما البعض الآخر؛ فلأن معانيها مطلقا لا يحسن الاتصاف بها إلا في جانب الله نحو: المتكبر، والجبار”([3]).

وإذا تأمل العبد في أسماء الله وصفاته؛ وجد أن لكلِّ اسمٍ من أسمائه U أثر من الآثار في الخلق والأمر، لا بُدَّ من ترتّبه عليه، كترتُّب المرزوق والرِّزقِ على الرازق، وترتُّب المرحوم وأسباب الرحمةِ على الراحمِ، وغير ذلك”([4]) .

وقد عرَّف الله U نفسه لعباده بأسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ لتحقيق مقاصد منها:

  1. زيادة الإيمان واليقين:

فالفائدة العامة لذكر أسماء الله تعالى وصفاته وتكرارها في المواضع المختلفة من كتابه؛ هي تذكير تالي القرآن وسامعه المرة بعد المرة بربه وخالقه، وما هو متصف به من صفات الكمال الذي يُثْمِر له زيادة تعظيمه وحبه والرجاء في رحمته وإحسانه، والخوف من عقابه، لمن أعرض عن هداية كتابه، أو خالف حكمته وسننه في خلقه، وهذا أعلى مقاصد القرآن”([5]).

فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته؛ ازداد إيمانه وقوي يقينه”([6]).

  1. تعظيم الله وتقديسه:

“أعظم علوم القرآن تحت أسماء الله عز وجل وصفاته؛ إذ لم يدرك أكثر الخلق منها إلا أموراً لائقة بأفهامهم، ولم يعثروا على أغوارها، وأما أفعاله تعالى فكذكره خلق السماوات وَالْأَرْضِ وَغَيْرِهَا فَلْيَفْهَمِ التَّالِي مِنْهَا صِفَاتِ اللَّهِ عز وجل إذا الْفِعْلُ يَدُلُّ عَلَى الْفَاعِلِ؛ فَتَدُلُّ عَظَمَتُهُ عَلَى عظمته؛ فينبغي أن يشهد في العقل الْفَاعِلَ دُونَ الْفِعْلِ، فَمَنْ عَرَفَ الْحَقَّ رَآهُ في كل شيء، إذ كل شيء فهو منه وإليه وبه وله؛ فهو الكل على التحقيق “([7])، تعالى وتعاظم شأنه وجلاله.

  1. حب الله عز وجل:

من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ أحبه لا محالة([8])، وإذا أحبه عظَّمه، فالمحبة دليل التعظيم والإجلال والتوقير.

  1. الانتقال من علم اليقين إلى عين اليقين:

الله سبحانه أقام الشواهد عليه، وملأ بها كتابه، وهدى عباده إلى النظر فيها والاستدلال بها، ولكن العارف إذا حصل له منها الدلالة، ووصل منها إلى اليقين؛ انطوى حكمها عن شهوده، وسافر قلبه منها إلى المطلوب المدلول عليه بها، ورآها كلها أثراً من آثار أسمائه وصفاته وأفعاله ([9]).

  1. الإقرار بالتوحيد إيماناً وإذعاناً:

عرَّف الله العظيم الجليل نفسه إلى خلقه بأفعاله وأسمائه وَصِفَاته، وَمَا أحدثه فِي أوليائه وأعدائه من كرامته وإنعامه على الأولياء، وإهانته وإشقائه للأعداء، وَمن إجابته دعواتهم، وقضائه حوائجهم، وتفريج كرباتهم، وكشف بلائهم، وتصريفهم تَحت أقداره كَيفَ يَشَاء، وتقليبهم فِي أَنْوَاع الْخَيْر وَالشَّر؛ فَكَانَ فِي ذَلِك أعظم دَلِيل لَهُم على أنه رَبهم ومليكهم، وأنه الله الَّذِي لَا إِلَه الا هُوَ، وَأَنه الْعَلِيم الْحَكِيم السَّمِيع الْبَصِير، وَأَنه الاله الْحق، وكل مَا سواهُ بَاطِل؛ فتظاهرت أدلة ربوبيته وتوحيده فِي الأرض وتنوعت وَقَامَت من كل جَانب؛ فَعرفهُ الموفقون من عباده وأقروا بتوحيده إِيمَانًا وإذعاناً([10]).

فمن عرف ربَّه؛ عظَّمه وأجلَّه، وأثنى عليه بما هو أهله.

[1] مسند أحمد، (4316). صحيح.

([2]) التحرير والتنوير، ابن عاشور (9/ 186).

([3]) المرجع السابق:9/ 186

([4])  مفتاح دار السعادة، ابن القيم، ( 1/278).

([5]) تفسير المنار، رشيد رضا،(11/ 79).

([6]) التوضيح والبيان، السعدي، ص41.

([7]) إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، (1/ 283).

([8])مدارج السالكين، ابن القيم، (3/ 18).

([9]) المرجع السابق: 3/ 283

([10]) مفتاح دار السعادة، ابن القيم، (1/ 10).

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop