مرحباً بكم فى مشروع تعظيم الله

يُجمعُ العارفون أن تعلُقَ القلبِ بالله جلَّ وعلا، هو سِرُّ سعادةِ العبدِ في الدن …

خطبة العيد (تعظيم العظيم ولوازم التعظيم)

الحمد لله العظيم حمدًا حمدًا، الحمد لله الجليلِ أبدًا سرمدًا، العزيزُ إلاهًا سيدًا واحدًا أحدًا صمدًا.. ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ربَّ لنا سواه، ﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾.

وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، بلغَ العُلا بكمالِه ، بهرَ الأُولى بمقالِه، أَسَرَ العِداءَ بـفـعالهِ، حسُنتْ جميعُ خِصالهِ، يا ربِّ صلِّ عليهِ وآلهِ.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليهِ، وعلى آله وصحبهِ والتابعينَ، ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

اللهُ أكبر، الله أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد.

أما بعد عباد الله: فاتقوا الله تعالى أيها المسلمون وأطيعوه، وعظموا ربكم في هذا اليوم المبارك وكبروه، واحمدوه على ما هداكم واذكروه، واشكروه على ما أعانكم عليه من الطاعات وسبحوه..

اللهُ أكبر، الله أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد.

معاشر المؤمنين الكرام: أدَّيتم فرضَكم، وأطعتُم ربَّكم، وصمتم شهركم، ثم ها أنتم هؤلاء تحضرون عيدكم، وتصلون لربكم، وتكبرونه وتحمدونه وتشكرونه على ما هداكم ويسَّرَ لكم، فأسعدَ الله أيامكم، وباركَ الله أعيادكم، وأدامَ الله أفراحكم، وتقبلَ اللهُ منَّا ومنكم.. وبُشراكم بإذن الله فوزَكم بالأجر العظيم، فربُكم مُحسنٌ كريم، لا يُضيعُ أجرَ من أحسنَ عملا.

أليس جاءَ في الحديث الصحيح: للصائم فرحتان: فرحةٌ عند فِطره، وفرحةٌ بلقاء ربه.. فافرحوا بِعِيدِكم واسعدوا، وأَدْخِلُوا البهجةَ عَلَى ذويكم وأنَسُوا ، واعلموا أن إظهار الفرح بالعيد من السنن ، ونحن حينما نفرح فإنما فرحنا بإتمام الصيام والقيام وغيرها من الطاعات ، وليس فرحنا مجرد فرح شكلي بالاجتماع ولبس الجديد واللقاء بالأحبة فقط ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾.

اللهُ أكبر، اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد..

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا..

أيها المؤمنون المباركون: يُجمعُ العارفون أن تعلُقَ القلبِ بالله جلَّ وعلا، هو سِرُّ سعادةِ العبدِ في الدنيا والآخرة.. وأنَّ الارتباطَ الوثيقَ بالخالق العظيمِ تبارك وتعالى، يَغمرُ القلبَ أُنسًا وطمأنينةً، ويسكُبُ في النفسِ راحةً وسكينةً.

إليكَ وإلَّا لا تُشدُّ الركَائِبُ

ومِنكَ وإلَّا فالمؤَمِلُ خَائِبُ

فليتكَ تحلو والحياةُ مَريرةٌ

وليتكَ ترضى والأنامُ غِضابُ

وليتَ الذي بيني وبينكَ عامرٌ

وبيني وبين العالمينَ خرابُ

إذا صحَ منكَ الودُّ فالكلُ هينٌ

وكُل الذي فوقَ الترابِ تُرابُ

لأنَّكَ اللهُ، لا خوفٌ ولا قَلقُ.. ولا اضطرابٌ ولا همٌّ ولا أرقُ.. لأنَّكَ الله، قلبي كُلُّهُ أملٌ.. لأنَّكَ الله، روحي مِلؤها الألقُ.

اللهُ أكبر، اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد.

تبارك ربنا وتعالى، أحاطَ بكلِّ شيءٍ عِلمًا، ووسعِ كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمَا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكما، ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾.

سبحانهُ وبحمدهِ: ذلَّ لجبروتهِ العظماءُ، ووجِلَّ من خشيته الأقويَاءُ، وقامت بقدرته الاشياء، ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ .

قال عليه الصلاة والسلام: ((أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملكٍ من ملائكةِ اللهِ، من حملةِ العرشِ : إنَّ ما بينَ شحمةِ أُذنهِ إلى عاتقِه، مسيرةُ سبعمائةِ عامٍ)) رواه أبو داود وصححه الألباني وغيره ، أيها الكرام هذا مَلَكٌ وصفةٌ من صفاته هكذا فكيف بعظمة وجلال خالقه جل جلاله ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾

جلَّ في عُلاه: لا تُدركهُ الأبصارُ، ولا تتوهمُه الأفكارُ، وكلَّ شيءٍ عندهُ بمقدار.

سبحانهُ وبحمدهِ: تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمته، وذلَّ كُلُّ شيءٍ لعزتِه، وخضعَ كلُّ شيءٍ لهيبتهِ، واستسلَمَ كُلُّ شيءٍ لمشيئته، ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾.

جلَّ جلاله: مَن تكلمَ سمِعَهُ، ومن سكَتَ علِمَهُ، ومن تابَ قبِلهُ ورحمهُ، ﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾.

عزّ وجلَّ: خزائنهُ ملئَا.. ويمينهُ سحّاءَ.. ولا يتعَاظَمُهُ عطاَءُ.. يُنفقُ كيفَ يشاء، ولا يُعجِزهُ شيءٌ في الأرض ولا في السماء.

تباركَ وتقدس: تسبحُ لهُ السماواتُ وأملاكُهُا، والنجُومُ وأفلاكُهَا، والأرضُ وفِجَاجُها، والبِحارُ وأمواجُها، والجبالُ وأحجارها، والأشجارُ وثِمارُها، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾.

اللهُ أكبر، اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد.

إخوة الإسلام : إن من لوازم هذا التعظيم لله أن نعظم أوامره ونجتنب نواهيه وأعظم أوامره الأركان الخمسة ، فنوحد الله كما أمرنا بذلك فلا نعبد إلا هو ولا نتوكل إلا عليه ولا نرجو إلا إياه ، فيا رب ((إياك نعبد وإياك نستعين)) هي دعاءنا وهي شعارنا وهي يارب التي نسألك أن تتوفانا عليها.

ثم حالنا مع نبينا وخليلنا : طاعته فيما أمر, وتصديقه فيما أخبر, واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.

ثم بعد ذلك الصلاة عمود الدين فلا حظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة ، وهنيئا لمن حافظ عليها حيث تقام في المساجد كما أمر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ، ويا شقاء من فرط فيها قال ابن مسعود: ((من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتى به إلى الصلاة يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف)).

ثم الزكاة بتأديتها كما أمر الله كاملة  بلا مَنٍّ ولا أذى طيبة بها النفس.

ثم الصوم كما أمر الله بسلامته من العصيان والتقصير.

ثم الحج للبيت الحرام ، قال الشيخ ابن باز: (من تركه وهو قادر فهو على خطر، وقد روي عن علي  أنه قال فيمن تركه وهو قادر: لا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا وهذا من باب الوعيد، هذا من باب التحذير والوعيد الشديد وإلا فليس بكافر).

اللهم إنا نسألك حُبكَ وحُبَّ من يُحبُّك وحُبَّ العملِ الذي يقربنا إلى حُبِّك، اللهم اجعل حُبَّك أحبَّ إلينا من كُلِّ شيء.. واملأ به قلوبنا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد …

الحمد لله حمدًا لاَ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ، وَلا حِسَابَ لِعَدَدِهِ، وَلا انْقِطَاعَ لأمَدِهِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ﴾.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وعلى آله وصحابته ،وسلم تسليمًا كثيرًا.

اللهُ أكبر، اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد..

وإن من تعظيم أوامر الله تعظيم أوامره فيما يحيط بجناب الأسرة حيث هي الأساس للمجتمع ، فمن ذلك بر الوالدين والإحسان لهما (( ولا تقل لهما إف …)) ثم بحسن العشرة الزوجية ، فهي حياة تقوم على المودة والرحمة والألفة لا على الحقوق والأخذ والعطاء فهي أسمى وأجَلُّ.

ثم بتربية الأبناء التربية الصحيحة السليمة (( فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) و((يا أيها الذين ءامنوا قو أنفسكم وأهليكم..)).

أيتها الأخت المباركة: اعلمي أن المرأة المسلمةَ المستمسِكة بدينها وحجابها، تقفُ على ثغرٍ عظيمٍ من ثغورِ الإسلامِ، وتجاهدُ أعداءَ الإسلامِ جهادًا حقيقيًّا.. إي والله أيتها المؤمنة، والله إنك بحجابك وصلاحك لتقهرين أعداءَ الإسلام قهْرًا يفوق قهرَ السلاحِ ونكايته.

أيتها الأخت العاقلة..

تأملي بإنصاف.. فاللهُ تباركَ وتعالى يأمرُ المرأةَ المسلمةَ بأن تُطِيلَ لباسها شبرًا أو ذراعًا حتى تُغطي كُلَّ بدنها وإلى أخمُصِ قدميها، بل وينهاها جلَّ وعلا عن مُجردِ الضربِ بقدمِها لكي لا يُسمعَ صوتُ مِشيتِها، وينهاها تبارك وتعالى عن التَّعطُرِ لكي لا يشمَّ الرجالُ مجردَ رائِحتها، ويأمُرها سبحانهُ بعدم الخضوعِ في القول لكي لا يطمعَ بها من في قلبهِ مرض، وينهاها عزَّ وجلَّ عن إبداءِ زينتِها قدرَ استطاعتها، ويأمرَها جلَّ وعلا أن تضربَ بخمارِها فتنزلهُ من فوقِ رأسِها حتى يُغطي صدرها مُبالغةً في الحشمة والستر.. فمن أين جازَ لها بعد كُلِّ هذا أن تكشفَ وجهها.. وأيُّ زينةٍ ستستُرها إن لم تسترُ وجهها، وما فائدة اخفاء الرائحةِ وصوت المشية أن لم تُخفي مجمعُ الحسنِ، وأكثرَ ما يجذبُ النظرَ إليها…

نُصوصٌ صحيحةٌ صريحةُ، دِلالاتها واضحةٌ مُحْكَمَةٌ، فهل يَلِيقُ بالمؤمن والمؤمنةِ أن ينساقوا وراء دعواتٍ مُضللة، فيتساهلوا في الستر والحشمةِ والحجاب.. كيف وربنا جلَّ وعلا يقول: ﴿ يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

اللهُ أكبر، اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد.

أيها الموفقون المباركون رجالًا ونساءًا:إذا عدتم بفضل الله لبيوتكم، فعودوا بقلوبٍ صافية، ونفوسٍ طيبة، صِلوا من قطعكم، وأعطوا من حرمكم، وأحسنوا إلى من أساء إليكم.. فالعيد أعادكم الله: مناسبةٌ عظيمةٌ للتسامُح والتَّصافي، والتآلفِ والتآخي..

تقبَّل الله منا ومنكم، وكل عامٍ وأنتم إلى الله أقرب، وبطاعته أسعد.

وصلوا وسلموا رحمكم الله علىى الهادي النذير والسراج المنير…

الكلمات المفتاحية

جميع الحقوق محفوظه مشروع تعظيم الله © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود
الأعلىtop